جلالة الملك يترأس جلسة عمل خُصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة


جلالة الملك يترأس جلسة عمل خُصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة
جلالة الملك محمد السادس 

جلسة تأتي في أعقاب رفع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بعد إنتهاء مهامها داخل الأجل المحدد لها، إلى جلالة الملك تقريرا يتضمن، أكثر من 100 مقترح تعديل، وتفضل جلالة الملك أمير المؤمنين، بإحالة تلك المرتبطة منها بنصوص دينية، على نظر المجلس العلمي الأعلى.

ترأس صاحب الجلالة الملك، محمد السادس نصره الله، اليوم بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة.

تأتي هذه الجلسة في أعقاب رفع الهيئة، المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بعد إنتهاء مهامها داخل الأجل المحدد لها، إلى جلالة الملك تقريرا، يتضمن أكثر من 100 مقترح تعديل.

بلاغ الديوان الملكي

قدم السيد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي بصفته عضوا بالهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بين يدي جلالة الملك محمد السادس نصره الله، عرضا حول طريقة ومنهج عمل الهيئة، لا سيما ما تعلق منها بجلسات الإنصات والإستماع، التي نظمتها، وأهم المقترحات التي إنبثقت عنها، والتي ضمنتها في تقريرها المذكور، بالإضافة إلى الغايات المرجوة منها.

{ نعم سيدي أعزكم الله، يشرفني يا مولاي أن أرفع على مقامكم العالي بالله، أصدق عبارة الشكر والإمتنان، على تفضلكم بتشريف بتقديم هذه الكلمة بين يدي يديكم الكلمتين، واتاحت الفرصة لي خدمكم الوفي، بأن يعرض على جلالتكم بعضا، من ملامح إشتغال الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، التي تفضلتم جلالتكم بإصدار تعليمات السامية، بإحداثها لهذا الغرض.

مولاي لقد اشتغلت الهيئة داخل الأجل المحدد لها، في إستحضار تام لمضامين الرسالة الملكية السامية، التي تفضلتم بتوجيهها إلى السيد رئيس الحكومة، والتي حددت مبادئ وغايات الإصلاح، وكذا مجالاته ذات الأولوية، وفق المقاربة التي أمرتم بإعتمادها، والتي ترتكز على فضائل الحوار والتشارك، والإنصات المختلف الفعاليات المؤسساتية، والسياسية والنقابية والمدينة والفقهية والاكاديمية، وقد اتمرت هذه اللقاءات المقترحات التي رفعتها الهيئة إلى جلالتكم، في أعقاب إنتهاء مهامها.

مولاي صاحب الجلالة، إن المقترحات التي إنبثقت عن الإستشارات الواسعة، تشمل مختلف القضايا التي تؤطرها مدونة الأسرة، وتهدف إلى معالجة بعض الإختلالات القانونية والقضائية المسجلة، وتجاوز إستقلال الإجراءات القضائية وبطئها، وضمان أكبر لجهاز النيابة العامة، ومعالجة بعض الظواهر الإجتماعية المرتبطة بقضايا زواج القاصر، وتعدد والحضانة والنفقة والولاية القانونية، وبيت الزوجية وما يترتب على إنفصام العلاقة الزوجية، من الإشكالات تهدد المصالح الفضلة للأطفال.

مولاي أن الغاية المرجو من هذه المقترحات، هي ضمان إستمرار الروح الإصلاحية، التي عبرت عنها منداة الأسرة، وما تتطلعون جلالتكم لتحقيقه من خلالها، وهو ضمان إستقرار للأسرة المغربية، وتعزيز حقوق المرأة وصيانة كرامة الرجل، ومراعاة مصالح الأبناء، في توفيق بين ما تناشده جلالتكم من مواكبة للتطورات التعرف المجتمع المغربي، وحرصكم على أن يتم ذلك في التزام بالثوابت الدينية للمملكة، ومراعاة الإتفاقية الدولية التي صدق عليها المغرب، الله يبارك في عمر سيدي.}

كما عرض السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق، بصفته عضو بالمجلس العلمي الأعلى، خلاصات الرأي الشرعي للمجلس، التي قدمت التقعيد الشرعي الضروري، لبعض مقترحات الهيئة، وفتحت باب المصلحة لإيجاد حلول مطابقة للشرع.

بالنسبة لمقترحات أخرى ووما شكل مناسبة، لإبراز قدرة الإجتهاد البناء على إستنباط الأحكام الشرعية، وسطية وإعتدال المدرسة الفقهية المغربية، المستمدة أسسها من الثوابت الدينية للمملكة المغربية.

{ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله واصحبه الأكرمين، نعم سيدي عزاك الله، يتشرف خديم المطيع، بأن يتقدم إلى مولانا الإمام، بأسماء آيات الشكر والإمتنان، على تفضله بالشريف بحضور هذا الإجتماع الهام، الذي ابيتم يا مولاي ألا أن تخصصه لحصي العمل، الذي أمرت به جلالتكم بخصوص مدونة الأسرة، هذا الورش الكبير الذي حضي بعنايتك الكريمة، وتتبع السامي.

وأنه لمن دواعي الإفتخار يا مولاي، أن أرفع إلى مقامكم العالي بالله، بصفتكم أمير المؤمنين، إعتزاز أعضاء المجلس العلمي الأعلى، بتفضل بإحالة بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدوانة الاسرة، المرتبطة بالجانب الشرعي على المجلس، قصد إبداء الرأي بشأنها في حرص من جلالتكم، على إشراك العلماء في إتخاذ القرارات المرتبطة بحفظ ثوابت الدين، ومقام إمارة المؤمنين

مولاي لقد تفضلتم وفق قراركم السديد، بإحالة 17 مسألة على النظر الشرعي، فجاء رأي المجلس العلمي مطابقا موافقا أغلبها، وموضحا سبل إمكان موافقة البعض الآخر منها لمقتضى الشريعة، ومبينا أن ثلاثة منها تتعلق بنصوص قطعية، لا تجيز الإجتهاد فيها وهي المتعلقة بإستعمال الخبرة الجينية للحق النسب، والغاء العمل بقاعدة التعصيب، والتوارث بين المسلم وغير المسلم.

مولاي أمير المؤمنين، أن المجلس العلمي الأعلى، أبداى موافقته الشرعية، على مقترحه الهيئة فيما يخص إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك، وتخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية عن أطفالها، وإعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة، خلال قيام العلاقة الزوجية، ووجوب النفقة على الزوجة،د، بمجرد العقد عليها، وإيقاف بيت الزوجية عن دخوله في التركة، وجعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الإشتراك الذي بينهما، وبقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها.

مولاي أمير المؤمنين، لقد فوض العلماء لجلالتكم، النظر فيما أبدو من الآراء، وذلك من زاوية المصلحة التي هي المقصد الإسم للدين، والتي يعتبر ولي الأمر أحسن من يقدرها، لثقتهم بالتبصر الذي يميز الإمامة العظمى، وحرص مولانا أمير المؤمنين، على التوفيق في المسيرة الإصلاحية التي يقودها، بكل حكمة وبعد نظر، بين المحافظة على الثوابت الدينية والوطنية، والسعي لتحقيق المزيد من الكرامة والعزة، والإنصاف لرعايا الأوفياء، في مراعاة للتطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، الله يبارك عمر سيدي.}

في هذا الإطار دعا جلالة الملك، أمير المؤمنين المجلس العلمي الأعلى، إلى مواصلة التفكير وإعتماد الإجتهاد البناء، في موضوع الأسرة، عبر إحداث إطار مناسب ضمن هيكلته لتعميق البحث في الإشكالات الفقهية، التي تطرحها التطورات المحيطة بالأسرة المغربية، وما تتطلبه من أجوبة تجديدية تساير متطلبات العصر.

ولتوضيح المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة، فقد كلف جلالته خلال هذه الجلسة، السيد رئيس الحكومة والسادة الوزراء، بالتواصل مع الرأي العام وإحاطته علما، بمستجدات هذه المراجعة، والتي ستسهر الحكومة داخل أجال معقولة، على حسن بلورتها وصياغتها، في مبادرة تشريعية طبقا للأحكام الدستورية ذات الصلة.

وبخصوص المبادرة التشريعية لمراجعة مدونة الأسرة، وما سيليها من مناقشة وتصويت بمجلسي البرلمان، فقد ذكر جلالته حفظه الله، بالمرجعيات والمرتكزات التي ستؤطرها، والمتضمنة في الرسالة الملكية السامية المذكورة، ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والإنسجام، التابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الإتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب.

كما أكد جلالة الملك، على ضرورة إستحضار إرادة الإصلاح والإنفتاح، على التطور التي ينشدها جلالته، من خلال إطلاق هذه المبادرة الإصلاحية الواعدة، بعد مرور 20 سنة، على تطبيق مدونة الأسرة، وضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية، والاقتصادية للأسرة.

والنظر إلى مضامين المراجعة في تكاملها، وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهم الأسرة المغربية التي تشكل الخلية الأساسية للمجتمع، وهو ما يتطلب الحرص على بلورة كل ما تقدم، في قواعد قانونية واضحة ومفهومة، لتجاوز تضارب القراءات القضائية، وحالات تنازع تأويلها،

كما لفت جلالته نصره الله، لإنتباه إلى ضرورة العناية بكل المداخل الأخرى، المدعمة والمعززة لمراجعة مدونة الأسرة، سواء عبر تدعيم تجربة قضاء الأسرة، ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، في ضوء الأحكام الدستورية الجديدة وإعداد برامج توعوية، تمكن المواطنين والمواطنات، من إلى القانون ومن إستيعاب أكبر، لحقوقهم وواجباتهم.
تعليقات